وأدعوها بالفتاوى (المعرقلة) لأنها تعرقل
استقرارنا واطمئناننا، وتعيق مسيرتنا وتقدمنا، إذ تنزل علينا كفجاءات الحوادث
وبغتات البلاء، فتاوى كاسيات عاريات، تُلبِس الإضاعةَ ثوبَ الحزم، وتكسو
الغوغائيةَ رداءَ الفهم والعلم، ولو أنها اقتصرت على جانب العبادات فقط لكانت
المصيبة أخف، لأنها لن تمس إلا شخصاً واحداً بعينه، ولكنها تتدخل في الجوانب
الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فتتناول الإنسان وزوجته وأسرته، وأبناء
بلده ومجتمعه.
استقرارنا واطمئناننا، وتعيق مسيرتنا وتقدمنا، إذ تنزل علينا كفجاءات الحوادث
وبغتات البلاء، فتاوى كاسيات عاريات، تُلبِس الإضاعةَ ثوبَ الحزم، وتكسو
الغوغائيةَ رداءَ الفهم والعلم، ولو أنها اقتصرت على جانب العبادات فقط لكانت
المصيبة أخف، لأنها لن تمس إلا شخصاً واحداً بعينه، ولكنها تتدخل في الجوانب
الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فتتناول الإنسان وزوجته وأسرته، وأبناء
بلده ومجتمعه.
أما الشعب المسلم المسكين فالويل له إذا
حذا حذوها، وامتثل هديها، لأنّ أركانه ستفهق عندئذ من جوانبها طفاحاً من العنت
والضيق ، ولأن بنيانه سيضج بَرَماً من الكرب والشدة.
حذا حذوها، وامتثل هديها، لأنّ أركانه ستفهق عندئذ من جوانبها طفاحاً من العنت
والضيق ، ولأن بنيانه سيضج بَرَماً من الكرب والشدة.
وأما (المفتون) المعرقلون فالويل لهم
أيضاً، مصداق الدعاء النبوي: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به،
ومن شق عليهم فاشقق عليه) رواه البيهقي في شعب الإيمان.
أيضاً، مصداق الدعاء النبوي: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به،
ومن شق عليهم فاشقق عليه) رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وعلى الرغم من كل الآيات القرآنية،
والأحاديث النبوية، والمأثورات التراثية، والقواعد الفقهية، التي تقيم بنيان هذا
الدين على التبشير والتيسير، وعلى رفع الحرج، ووضع الإصر والأغلال عن البشر، حتى
يعيشوا حالة إنسانية طبيعية لا تعرف الشدة ولا العنت ولا الجور ولا الضيق ، على
الرغم من كل هذا فإن جلّ (فقهائنا) اليوم يضادون كل ذلك ويعاندونه، حتى إذا ما
أردنا أن نستخلص من إفتاءاتهم قواعد ومبادئ فإن على رأسها سيأتي: (الأصل في
الأشياء المنع والتحريم)، و(الأصل انشغال الذمة)، و(الأمر إذا ضاق لم يتسع، وإذا
اتسع ضاق)، و(المشقة تجلب التعسير) و(الضرورات تزيد المحظورات) و(العبرة في العقود
للألفاظ والمباني وليس للمقاصد والمعاني)، و(العبرة للتوهم)، (اليقين يزول بالشك)،
و(الضرر لا يزال بمثله بل بأشد منه)، و(يُختار أفدح الشرين).
والأحاديث النبوية، والمأثورات التراثية، والقواعد الفقهية، التي تقيم بنيان هذا
الدين على التبشير والتيسير، وعلى رفع الحرج، ووضع الإصر والأغلال عن البشر، حتى
يعيشوا حالة إنسانية طبيعية لا تعرف الشدة ولا العنت ولا الجور ولا الضيق ، على
الرغم من كل هذا فإن جلّ (فقهائنا) اليوم يضادون كل ذلك ويعاندونه، حتى إذا ما
أردنا أن نستخلص من إفتاءاتهم قواعد ومبادئ فإن على رأسها سيأتي: (الأصل في
الأشياء المنع والتحريم)، و(الأصل انشغال الذمة)، و(الأمر إذا ضاق لم يتسع، وإذا
اتسع ضاق)، و(المشقة تجلب التعسير) و(الضرورات تزيد المحظورات) و(العبرة في العقود
للألفاظ والمباني وليس للمقاصد والمعاني)، و(العبرة للتوهم)، (اليقين يزول بالشك)،
و(الضرر لا يزال بمثله بل بأشد منه)، و(يُختار أفدح الشرين).
وهذا ما يكون عليه حالنا عندما يختار
هؤلاء (الفقهاء) الإِلْف على الصواب، فيغدو استنباطهم مجرد تنقيب ومَتْحٍ من
براميل الذاكرة، يغرفون منها أحكاماً من دون أن يمرروها على مصفاة الوعي وغربال
المحاكمة!
هؤلاء (الفقهاء) الإِلْف على الصواب، فيغدو استنباطهم مجرد تنقيب ومَتْحٍ من
براميل الذاكرة، يغرفون منها أحكاماً من دون أن يمرروها على مصفاة الوعي وغربال
المحاكمة!
وحتى نرتقي من وهاد التعميم إلى قُلة
التخصيص نتناول أمثلة بعينها اجتناباً للتطويل وتوخياً للاختصار، متجاوزين الفتاوى
المدهشة الغاصة بالنكر والسفاهة، التي تذخر بها صفحات المواقع في الإنترنت، وتغدو
موئل تندر وتفكه:
التخصيص نتناول أمثلة بعينها اجتناباً للتطويل وتوخياً للاختصار، متجاوزين الفتاوى
المدهشة الغاصة بالنكر والسفاهة، التي تذخر بها صفحات المواقع في الإنترنت، وتغدو
موئل تندر وتفكه:
1 – فتاوى العرقلة الاجتماعية، كفتاوى
(الطلاق)، هذه الفتاوى التي تتضارب فيها آراء (المفتين) في دائرة الإفتاء الواحدة،
والتي قد تؤدي إلى خراب البيوت من دون إرادة أكيدة من الزوجين بإنهاء علاقتهما،
ولكن المفتي الحريص يبتُّ العلاقة ويميتها، وإن كان في بعض الأحيان يعود فيحييها،
بتأمين الزوج المحلل، الذي يسمى في عرف الشرع (التيس المستعار)، وكالفتاوى التي
تحرّم على المسلمين صوراً من التواصل الاجتماعي المطلوب كتحريم مناسبة عيد الأم،
فلا تجيز في هذه المناسبة إظهار الفرح والسرور، وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك،
أوالتي تحرّم عليهم أن يبتدئوا بعض أبناء الوطن بالسلام، أو أن يهنئوهم بأعيادهم!
(الطلاق)، هذه الفتاوى التي تتضارب فيها آراء (المفتين) في دائرة الإفتاء الواحدة،
والتي قد تؤدي إلى خراب البيوت من دون إرادة أكيدة من الزوجين بإنهاء علاقتهما،
ولكن المفتي الحريص يبتُّ العلاقة ويميتها، وإن كان في بعض الأحيان يعود فيحييها،
بتأمين الزوج المحلل، الذي يسمى في عرف الشرع (التيس المستعار)، وكالفتاوى التي
تحرّم على المسلمين صوراً من التواصل الاجتماعي المطلوب كتحريم مناسبة عيد الأم،
فلا تجيز في هذه المناسبة إظهار الفرح والسرور، وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك،
أوالتي تحرّم عليهم أن يبتدئوا بعض أبناء الوطن بالسلام، أو أن يهنئوهم بأعيادهم!
2 – فتاوى العرقلة الاقتصادية، كتلك التي
تحلل للتجار صيغاً من العقود اللئيمة التي يصطادون بها المحتاجَ أوالواقفَ على
شفير الإفلاس، كبيع (الوِعْدة) هذا العقد الذي هو في صورته بيع وفي حقيقته قرض
ربويٌّ بامتياز، ثم ترى هؤلاء (الفقهاء المفتون) يحرّمون في المقابل الاقتراض من
بنوك الدولة، رغم كل الاجتهادات الفقهيَّة الكثيرة التي لم ترَ على الأقل في القرض
الاستثماري أي نوع من الربا، بل ويحرمون هذا القرض ولو كان المقترض مضطراً،
معطِّلين بذلك القاعدة الفقهية المتفق عليها والقائلة: (الحاجة تنزّل منزلة
الضرورة)، ولكن (المفتين) هنا لا يعترفون بضرورات الناس، ولا يقرُّون حاجاتهم، فإن
جاءهم الشاب الناشئ مستفتياً في أن يقترض من البنك ليستقل بمشروع صغير يمكن أن
يكون نواة مؤسسة أوشركة في قابل الأيام، أوجفوا عليه خيول الحلال والحرام يرهبون
بها طموحاته وآماله، وإن جاءهم الفقير مستفتياً حول جواز اقتراضه من البنك لأجل
السكن، كان ردهم: “لك في الاستئجار فسحة “، أوكان جوابهم: “اشترِ
خيمة وعش في ظلالها، فإن لك فيها مندوحة عن الاقتراض”! على أننا لا يمكن أن
نخفي فرحتنا بالانفتاح الاقتصادي الذي شهده بلدنا، فقد بات بوسع (فقهائنا) أن
يحيلوا هذا المستفتي إلى البنوك (الإسلامية) التي تزيد (أرباحها/فوائدها) على
فوائد بنوك الدولة أو البنوك التقليدية أضعافاً مضاعفة.
تحلل للتجار صيغاً من العقود اللئيمة التي يصطادون بها المحتاجَ أوالواقفَ على
شفير الإفلاس، كبيع (الوِعْدة) هذا العقد الذي هو في صورته بيع وفي حقيقته قرض
ربويٌّ بامتياز، ثم ترى هؤلاء (الفقهاء المفتون) يحرّمون في المقابل الاقتراض من
بنوك الدولة، رغم كل الاجتهادات الفقهيَّة الكثيرة التي لم ترَ على الأقل في القرض
الاستثماري أي نوع من الربا، بل ويحرمون هذا القرض ولو كان المقترض مضطراً،
معطِّلين بذلك القاعدة الفقهية المتفق عليها والقائلة: (الحاجة تنزّل منزلة
الضرورة)، ولكن (المفتين) هنا لا يعترفون بضرورات الناس، ولا يقرُّون حاجاتهم، فإن
جاءهم الشاب الناشئ مستفتياً في أن يقترض من البنك ليستقل بمشروع صغير يمكن أن
يكون نواة مؤسسة أوشركة في قابل الأيام، أوجفوا عليه خيول الحلال والحرام يرهبون
بها طموحاته وآماله، وإن جاءهم الفقير مستفتياً حول جواز اقتراضه من البنك لأجل
السكن، كان ردهم: “لك في الاستئجار فسحة “، أوكان جوابهم: “اشترِ
خيمة وعش في ظلالها، فإن لك فيها مندوحة عن الاقتراض”! على أننا لا يمكن أن
نخفي فرحتنا بالانفتاح الاقتصادي الذي شهده بلدنا، فقد بات بوسع (فقهائنا) أن
يحيلوا هذا المستفتي إلى البنوك (الإسلامية) التي تزيد (أرباحها/فوائدها) على
فوائد بنوك الدولة أو البنوك التقليدية أضعافاً مضاعفة.
3 – فتاوى العرقلة العلمية، ولعل أبرز هذه
الفتاوى تلك التي وقذت الشباب المسلم فحرّمت عليه ارتياد الجامعات لما فيها من
الاختلاط، وقد عانت الجزائر بعد تسعينات القرن الماضي من مثل هذه الفتاوى التي راح
ضحيتها آلاف الشابات والشبان الجزائريين ممَّن تنزَّهوا عن الاختلاط، فوقعوا، فيما
بعد، في أوحال البطالة والعوز والحرمان، وكانت النتيجة أن انعكس ذلك في أحيان
كثيرة على المبدأ ذاته بالنقض والارتداد، ناهيك عن خسارة البلاد الحقيقية لكفاءات
رائعة لم يقدّر لها أن تأخذ نصيبها، ولم يُتح لها أن تؤدي دورها، والمفارقة
العجيبة هنا أنّ الذين أفتوا بذلك كانوا هم أنفسهم يدرّسون في تلك الجامعات
ويعملون فيها، في تصديق تام لما أخبر به المسيح (عليه السلام): “الويل لكم يا
علماء الشريعة فإنكم تحمّلون الناس أحمالاً وأنتم لا تمسونها بإصبع من أصابعكم“.
الفتاوى تلك التي وقذت الشباب المسلم فحرّمت عليه ارتياد الجامعات لما فيها من
الاختلاط، وقد عانت الجزائر بعد تسعينات القرن الماضي من مثل هذه الفتاوى التي راح
ضحيتها آلاف الشابات والشبان الجزائريين ممَّن تنزَّهوا عن الاختلاط، فوقعوا، فيما
بعد، في أوحال البطالة والعوز والحرمان، وكانت النتيجة أن انعكس ذلك في أحيان
كثيرة على المبدأ ذاته بالنقض والارتداد، ناهيك عن خسارة البلاد الحقيقية لكفاءات
رائعة لم يقدّر لها أن تأخذ نصيبها، ولم يُتح لها أن تؤدي دورها، والمفارقة
العجيبة هنا أنّ الذين أفتوا بذلك كانوا هم أنفسهم يدرّسون في تلك الجامعات
ويعملون فيها، في تصديق تام لما أخبر به المسيح (عليه السلام): “الويل لكم يا
علماء الشريعة فإنكم تحمّلون الناس أحمالاً وأنتم لا تمسونها بإصبع من أصابعكم“.
4 – فتاوى العرقلة الحضارية كتحريم التجنُّس
للمغتربين، التي تقول: “وأما التجنس: فالأصل فيه الحرمة، لأنه انضمام لراية
أو مظلة غير إسلامية، ولأنه يؤدي إلى تقوية الأعداء، كما هو الحاصل في هجرة
الأدمغة، ولأن الجنسية يترتب عليها التزامات بواجبات قد تتنافى مع أصول الإسلام
وأحكامه، كالمشاركة في القتال لمسلمين أو غير مسلمين، والإلزام ببعض التكاليف التي
لا يقرها الإسلام، ولأن الرضا بالمقام بين غير المسلمين يؤدي إلى محبة عاداتهم أو
التأثر بها واستحسانها، وبخاصة في عقول الأولاد، وللبيئة تأثير ملحوظ. لذا قال
النبي (ص) فيما رواه أبو داود: “أنا بريء من كل مسلم يقي م بين أظهر
المشركين. قالوا: يا رسول الله ولم ؟ قال: لا تتراءى نارهما”. انظر: د. وهبة
الزحيلي، “فتاوى معاصرة”. ص 289، ط1، دمشق: دار الفكر.
للمغتربين، التي تقول: “وأما التجنس: فالأصل فيه الحرمة، لأنه انضمام لراية
أو مظلة غير إسلامية، ولأنه يؤدي إلى تقوية الأعداء، كما هو الحاصل في هجرة
الأدمغة، ولأن الجنسية يترتب عليها التزامات بواجبات قد تتنافى مع أصول الإسلام
وأحكامه، كالمشاركة في القتال لمسلمين أو غير مسلمين، والإلزام ببعض التكاليف التي
لا يقرها الإسلام، ولأن الرضا بالمقام بين غير المسلمين يؤدي إلى محبة عاداتهم أو
التأثر بها واستحسانها، وبخاصة في عقول الأولاد، وللبيئة تأثير ملحوظ. لذا قال
النبي (ص) فيما رواه أبو داود: “أنا بريء من كل مسلم يقي م بين أظهر
المشركين. قالوا: يا رسول الله ولم ؟ قال: لا تتراءى نارهما”. انظر: د. وهبة
الزحيلي، “فتاوى معاصرة”. ص 289، ط1، دمشق: دار الفكر.
والتي تقول: “إنّ انتماء المسلم إلى
جنسية بلد أودولة غير مسلمة مع الإقامة فيها محرّم حرمة ذاتية، والحرمة الذاتية لا
يعارضها ولا يغالبها أي من المبررات العارضة التي قد يسميها بعض الناس ضرورة، وكما
أنّ الماء لا يطهر النجَس العيني كالدم ولحم الخنزير والميتة مهما غسل به، ومهما
سرى في أجزائه، فكذلك عوارض المبررات المتصورة لا تقوى على إزالة الحرمة الذاتية
السارية في جوهر هذا الانتماء وذاته” . ثم تقول: ” فهو إذن من المحرمات
المقطوع بحرمتها”. انظر: د. محمد سعيد رمنضان البوطي، “قضايا فقهية
معاصرة”. ص 208، دار الفارابي.
جنسية بلد أودولة غير مسلمة مع الإقامة فيها محرّم حرمة ذاتية، والحرمة الذاتية لا
يعارضها ولا يغالبها أي من المبررات العارضة التي قد يسميها بعض الناس ضرورة، وكما
أنّ الماء لا يطهر النجَس العيني كالدم ولحم الخنزير والميتة مهما غسل به، ومهما
سرى في أجزائه، فكذلك عوارض المبررات المتصورة لا تقوى على إزالة الحرمة الذاتية
السارية في جوهر هذا الانتماء وذاته” . ثم تقول: ” فهو إذن من المحرمات
المقطوع بحرمتها”. انظر: د. محمد سعيد رمنضان البوطي، “قضايا فقهية
معاصرة”. ص 208، دار الفارابي.
على أن بيان خطأ هذه الفتوى وتناقضها،
وما خالطها من شوائب وروائب، وتوضيح إحالتها الأمور عن جهاتها، وإبراز خروجها عن
معطيات التطور الإنساني يحتاج إلى بحث خاص، ولكن يكفينا هنا أن نبيّن أن هذه
الفتوى توقع ملايين السوريين المسلمين في بلاد المهجر في الحرج والشدة.
وما خالطها من شوائب وروائب، وتوضيح إحالتها الأمور عن جهاتها، وإبراز خروجها عن
معطيات التطور الإنساني يحتاج إلى بحث خاص، ولكن يكفينا هنا أن نبيّن أن هذه
الفتوى توقع ملايين السوريين المسلمين في بلاد المهجر في الحرج والشدة.
ولا شك في أنّ قسماً كبيراً من المغتربين
السوريين يهتمون لأمر دينهم، ولا يرضون لأنفسهم ارتكاب المحرّم، ولا الاقتراب منه،
لكن هذه الفتوى تلفح قلوبهم بالضيق، و تلحف أكبادهم بالحرج، والمشكلة الداهية التي
نصادفها هنا أن صاحب هذه الفتوى ومن لفّ لفه يحتكرون حكم الله، فيقذفون مخالفيهم
بألسنة حِداد، لأن الفتوى عندهم هي حكم الله ينطق على ألسنتهم، ولو عدّوها رأياً
إنسانياً واجتهاداً ناتجاً عن فهم النصوص الشرعية الأصلية – وهي كذلك – لأفسحوا
المجال لوجود (فتاوى أخرى) ذات حُجيَّة تخالف فتاويهم، ولوسّعوا على الناس
وأراحوهم، وأزالوا عن كواهلهم عبء الشعور الفادح بالوزر الثقيل الجاثم، غير أن
لسان حال هؤلاء المفتين يقول: (الفتوى ههنا، والتقوى ههنا، وما ثم بعدنا إلا
الضلال). فهم وحدهم المشمولون بروح القدس، وهم وحدهم المتفردون بنعمة التأييد
الإلهي والتسديد الرباني.
السوريين يهتمون لأمر دينهم، ولا يرضون لأنفسهم ارتكاب المحرّم، ولا الاقتراب منه،
لكن هذه الفتوى تلفح قلوبهم بالضيق، و تلحف أكبادهم بالحرج، والمشكلة الداهية التي
نصادفها هنا أن صاحب هذه الفتوى ومن لفّ لفه يحتكرون حكم الله، فيقذفون مخالفيهم
بألسنة حِداد، لأن الفتوى عندهم هي حكم الله ينطق على ألسنتهم، ولو عدّوها رأياً
إنسانياً واجتهاداً ناتجاً عن فهم النصوص الشرعية الأصلية – وهي كذلك – لأفسحوا
المجال لوجود (فتاوى أخرى) ذات حُجيَّة تخالف فتاويهم، ولوسّعوا على الناس
وأراحوهم، وأزالوا عن كواهلهم عبء الشعور الفادح بالوزر الثقيل الجاثم، غير أن
لسان حال هؤلاء المفتين يقول: (الفتوى ههنا، والتقوى ههنا، وما ثم بعدنا إلا
الضلال). فهم وحدهم المشمولون بروح القدس، وهم وحدهم المتفردون بنعمة التأييد
الإلهي والتسديد الرباني.
ولكن هل لهم من الله موثق بذلك؟
والجواب: كلا. فالمفتي ليس معصوماً عن
الخطأ، فقد تعثر به عجلة الرأي، وتزل به قدم الاستنباط، وعلى الرغم من وضوح هذا
الأمر فإنني أجدني مضطراً للاستشهاد بالعصر الإسلامي الأول، فقد حفظ لنا التاريخ
كماً كبيراً من استدراكات الصحابة، رضي الله عنهم، بعضهم على بعضهم، في فتاويهم بل
حتى في قضائهم الذي يزيد على الفتوى في قوة الإلزام.
الخطأ، فقد تعثر به عجلة الرأي، وتزل به قدم الاستنباط، وعلى الرغم من وضوح هذا
الأمر فإنني أجدني مضطراً للاستشهاد بالعصر الإسلامي الأول، فقد حفظ لنا التاريخ
كماً كبيراً من استدراكات الصحابة، رضي الله عنهم، بعضهم على بعضهم، في فتاويهم بل
حتى في قضائهم الذي يزيد على الفتوى في قوة الإلزام.
نعم أنى لهذه الفتوى هذا التحريم القاطع
في حين أن عدداً كبيراً من الفقهاء المعاصرين لا يرون بأساً بهذا التجنس، بل
ويحضّون عليه.
في حين أن عدداً كبيراً من الفقهاء المعاصرين لا يرون بأساً بهذا التجنس، بل
ويحضّون عليه.
خلاصة الأمر: إنها دعوة للمتصدرين
للفتيا: اتقوا الله في هذا الشعب الطيب. يسروا أمره ولا تعسروه، وبشّروه ولا
تنفّروه.
للفتيا: اتقوا الله في هذا الشعب الطيب. يسروا أمره ولا تعسروه، وبشّروه ولا
تنفّروه.
وهي تنبيه للشعب الكريم أن يقلل من
سؤالاته واستفتاءاته، وأن يأخذ بالوثيقة في أمره، متذكراً القانون الذي وضعه له
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، كما روى أحمد والدارمي في مسنديهما: (استفتِ
قلبك، واستفتِ نفسك. البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب. والإثم ما حاك
في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك).
سؤالاته واستفتاءاته، وأن يأخذ بالوثيقة في أمره، متذكراً القانون الذي وضعه له
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، كما روى أحمد والدارمي في مسنديهما: (استفتِ
قلبك، واستفتِ نفسك. البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب. والإثم ما حاك
في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك).
محمد أمير ناشر النعم