من ذاكرة الطفولة

جامع الابن في حي قسطل الحرامي

بفعل عبث الذاكرة
يرتسم الآن مشهداً في حياتي، وعمري ربما ثلاث سنوات.

أمشي
في أرض دار بيت جدي الواسعة في (قسطل الحرامي) في صبحية يوم صيفي بارد، ورائحة
الياسمين والعسلية تتغلغل في ذرات المكان كله، كغيمة تخترق كوخاً في ذروة جبل
.

وأنشد بصوت مرتفع كلمات (التجويق)،
وأردّد بصوت عال: عجّلوا بالصلاة قبل الفوت. مولاي. ياااااااا. يااااااااا. مولاي
.
عجّلوا
بالتوبة قبل الموت.
مولاي. ياااااااا. يااااااااا. مولاي
سبحان
من تفرّد بالوحدانية والبقاء. مولاي
. ياااااااا.
يااااااااا. مولاي

وحتم
على من سواه بالموت وقضاه. مولاي
ياااااااا. يااااااااا. مولاي.

ثم
أذكر أسماء أولاد خالي الشباب، وهم أمامي يضحكون ويلاحقونني، فأهرب منهمّ، وفي
هذه الأثناء يقرع الباب الشيخ أحمد القباني إمام جامع الابن، ويسأل عن خالي، ويسمع
صوتي، وتجويقي، فيضحك، وأولاد خالي: محمد أو نعمان أو منذر يقولون له: خذه معك إلى
الجامع حتى يجوّق بدلاً من المؤذن، فيضحك الشيخ، ويضحك الجميع، بينما أنطّ، وأركض، وأضحك، وأقول: انتقل إلى رحمة الله، وأسمّي أحد الحضور، ثم أمطّ صوتي قائلاً:
الفااااااتحة.
ملاحظة: (التجويق): أدعية وابتهالات تصحب الإعلان عن موت الميت
من مئذنة الجامع
،
وأظن أن الكلمة جاءت من (الجوقة) التي تردد وراء المؤذن قوله:
. مولاي. ياااااااا. يااااااااا. مولاي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *