كيف احترقت مكتبة العائلة

كانت
أمي في بطن أمها عندما توفي جدي محمد بن هلال قسطلي في سنة 1942، كان رحمه الله
رجلا عالماً فقهيا وإماما لجامع (الابن) في حي قسطل الحرامي، في حلب القديمة، وكان
بيته الذي ولدتُ فيه قرب الجامع.

حدثني
خالي الحاج هلال قسطلي، رحمه الله، أنه رجع إلى البيت من عمله في أحد الأيام بُعيد
وفاة والده، ودخل إلى غرفة المكتبة فوجدها خاوية على عروشها، وكانت المكتبة تضم
كنوزاً من الكتب المخطوطة والمطبوعة، وكانت تحتوي على (الوثيقة/اللفافة) التاريخية
لشجرة نسب العائلة الذي يعود للإمام موسى الكاظم، ومنه للإمام الحسين عليه السلام،
والممهورة بتواقيع وشهادات نقباء الأشراف والأعيان على مدار مئات السنين
مباشرة
ركض خالي لعند جدتي رتيبة شعبان رحمها الله، وسألها مذعوراً: فين الكتب يا يوم؟
فأجابته:
بلا كتب… بلا بطيخ… بدي أشعل النار لغسل ملابسكم، وما في حطب!! فقلت نستفيد من
هذه الكتب بدلاً من وضعها على الرفوف
وهكذا
أكلت وجبة غسيل واحدة تلك الكتب والمخطوطات وشجرة النسب أيضاً
أما
خالي فوقع على الأرض بعد أن خارت قواه، وأخذ يضرب رأسه ويلطمه، ويشهق باكياً
ناحباً وسط ذهول جدتي واستغرابها.
محمد أمير ناشر النعم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *