هذا
مقال كتبته بتاريخ 2014/9/23 عنوانه: (البورتريه الأخير للمعارضة السورية الأبية)
قبل أن يشيع استخدام كلمة (بورتريه) في المقالات… لم أنشره سابقاً، والآن أنشره
للذكرى التي تنفع العاقلين.
مقال كتبته بتاريخ 2014/9/23 عنوانه: (البورتريه الأخير للمعارضة السورية الأبية)
قبل أن يشيع استخدام كلمة (بورتريه) في المقالات… لم أنشره سابقاً، والآن أنشره
للذكرى التي تنفع العاقلين.
.
البورتريه
الأخير للمعارضة السورية الأبية
الأخير للمعارضة السورية الأبية
محمد
أمير ناشر النعم
أمير ناشر النعم
وفعلاً
إنها معارضة أبية!
إنها معارضة أبية!
أبية
على أن تفهم دور المعارضة الحقيقي عندما يكون البلد في حالة ثورة!
على أن تفهم دور المعارضة الحقيقي عندما يكون البلد في حالة ثورة!
وأبية
على أن تحقق المكاسب الحقيقية والواقعية التي تتطلبها الثورة!
على أن تحقق المكاسب الحقيقية والواقعية التي تتطلبها الثورة!
وأبية
على أن تكون مقنعة للآخرين في أنها مؤهّلة لسد الفراغ حال انهيار النظام، أو حال
انتصار الثورة!
على أن تكون مقنعة للآخرين في أنها مؤهّلة لسد الفراغ حال انهيار النظام، أو حال
انتصار الثورة!
وأبية
على أن تفهم أن الإقناع والاقتناع لا يتأتى إلا بالإنجاز، في حين كان إنجازها في
غاية الإيجاز، الإيجاز إلى حدّ التعمية، بل إلى حافة العدم!
على أن تفهم أن الإقناع والاقتناع لا يتأتى إلا بالإنجاز، في حين كان إنجازها في
غاية الإيجاز، الإيجاز إلى حدّ التعمية، بل إلى حافة العدم!
وأبية
على النصيحة والانتقاد وتقويم المسار، فهي عندما تكتشف خطأً من أخطائها تبادر
لإخفائه وتمييعه، في تلمذة أكثر ما تكون وفاءً للنظام، وتتناسى القول المحق
لماركس: “يجب دائماً أن نكشف الفضيحة عندما نكتشفها حتى لا تلتهمنا”.
ويمكننا أن نسأل: كم مرةً كشفت المعارضة فضائحها بنفسها فور اكتشافها؟ وإذا كان
الجواب مخيباً للأمل أمكننا أن نسأل أيضاً: ماذا بقي من المعارضة لم يُلتهم!!
على النصيحة والانتقاد وتقويم المسار، فهي عندما تكتشف خطأً من أخطائها تبادر
لإخفائه وتمييعه، في تلمذة أكثر ما تكون وفاءً للنظام، وتتناسى القول المحق
لماركس: “يجب دائماً أن نكشف الفضيحة عندما نكتشفها حتى لا تلتهمنا”.
ويمكننا أن نسأل: كم مرةً كشفت المعارضة فضائحها بنفسها فور اكتشافها؟ وإذا كان
الجواب مخيباً للأمل أمكننا أن نسأل أيضاً: ماذا بقي من المعارضة لم يُلتهم!!
أكتب
هذه الكلمات، واليوم هو 9/23، وهو يوم تدشين غارات التحالف الدولي العربي بقيادة أمريكا
ضد داعش التي تمددت في ظل غفلة هذه المعارضة، وتحت جناح تراخيها، وكما تنجلي لنا
الأشياء أمام البرق، فإن المعارضة اليوم تنجلي لنا أمام القصف بكامل عريها، فإذا
هي فعلة أكبر من فاعليها، وإذا بنا ندفع ثمن إخفاقها بدمائنا وأرواحنا، وبحاضرنا
ومستقبلنا.
هذه الكلمات، واليوم هو 9/23، وهو يوم تدشين غارات التحالف الدولي العربي بقيادة أمريكا
ضد داعش التي تمددت في ظل غفلة هذه المعارضة، وتحت جناح تراخيها، وكما تنجلي لنا
الأشياء أمام البرق، فإن المعارضة اليوم تنجلي لنا أمام القصف بكامل عريها، فإذا
هي فعلة أكبر من فاعليها، وإذا بنا ندفع ثمن إخفاقها بدمائنا وأرواحنا، وبحاضرنا
ومستقبلنا.
لكن دعونا
نخفف من حدة وطأة هذا اليوم بإعلانه عيداً وطنياً لوفاة هذه (المعارضة)، التي
سنسألها ونحاسبها على تقصيرها وأخطائها، وأي عجب إذا ما غدا الثوار وكارهو النظام
وعموم الشعب السوري ينظرون نظرة ملؤها المرارة والازدراء إلى هذه المعارضة التي
كان عليها أن تمهد السبل للنصر أولاً، ثم تحرز السلام ثانياً! فكانت البشرى الوحيدة التي قدمتها
لنا هي (مجهولية المصير)!
نخفف من حدة وطأة هذا اليوم بإعلانه عيداً وطنياً لوفاة هذه (المعارضة)، التي
سنسألها ونحاسبها على تقصيرها وأخطائها، وأي عجب إذا ما غدا الثوار وكارهو النظام
وعموم الشعب السوري ينظرون نظرة ملؤها المرارة والازدراء إلى هذه المعارضة التي
كان عليها أن تمهد السبل للنصر أولاً، ثم تحرز السلام ثانياً! فكانت البشرى الوحيدة التي قدمتها
لنا هي (مجهولية المصير)!
والآن
لن نفتش وراء أخطائها التي كانت تفقس كبيض السمك في المستنقع، ولن نفتش في الشبهات
التي استقحمت المعارضة مواردها، وخاضت في أوحالها، ولن نأتي على ذكر كيف اخضوضر في
أوصالها نبت العيوب التي كان النظام المجرم يرسف فيها، و لن نشير إلى مبادراتها
التي كانت تنبجس بغتتة بعد كل خبصة من خبصات رموزها، وسنكتفي بالإشارة إلى
ارتضائها الإقامة خارج البلاد، وإلى النأي بنفسها عن الشعب، وعن الثوار، ممن ادعت
تمثيلهم ورعاية مصالحهم، في خرق واضح لأهم قانون من قوانين القيادة، بحسب كتاب
(الأمير) لميكيافللي، ألا وهو (الوجود)، و(القيام على رأس العمل)، وهذا ما عبّرت
عنه الحكمة الشعبية منذ غابر الأزمان: (من لا يحضر ولادة عنزته تلد له كلباً).
وفعلاً لقد رأينا بأم أعيننا كيف غابت المعارضة عن أرضها فولدت الثورة (داعش)،
وكيف راحت المعارضة بعد ذلك تلطم وجهها وتضربه وتخمشه استنكاراً لهذا المولود
المسخ الرهيب، الذي كبر وتمدد وتعملق في سرعة قياسية بل خيالية!
لن نفتش وراء أخطائها التي كانت تفقس كبيض السمك في المستنقع، ولن نفتش في الشبهات
التي استقحمت المعارضة مواردها، وخاضت في أوحالها، ولن نأتي على ذكر كيف اخضوضر في
أوصالها نبت العيوب التي كان النظام المجرم يرسف فيها، و لن نشير إلى مبادراتها
التي كانت تنبجس بغتتة بعد كل خبصة من خبصات رموزها، وسنكتفي بالإشارة إلى
ارتضائها الإقامة خارج البلاد، وإلى النأي بنفسها عن الشعب، وعن الثوار، ممن ادعت
تمثيلهم ورعاية مصالحهم، في خرق واضح لأهم قانون من قوانين القيادة، بحسب كتاب
(الأمير) لميكيافللي، ألا وهو (الوجود)، و(القيام على رأس العمل)، وهذا ما عبّرت
عنه الحكمة الشعبية منذ غابر الأزمان: (من لا يحضر ولادة عنزته تلد له كلباً).
وفعلاً لقد رأينا بأم أعيننا كيف غابت المعارضة عن أرضها فولدت الثورة (داعش)،
وكيف راحت المعارضة بعد ذلك تلطم وجهها وتضربه وتخمشه استنكاراً لهذا المولود
المسخ الرهيب، الذي كبر وتمدد وتعملق في سرعة قياسية بل خيالية!
ولكن
هل فكّرت المعارضة في أهم أسباب هذا التمدد، وفي أولى مقوماته؟ أليس هو (وجود داعش
على الأرض) في لب المكان الذي سعت داعش للعمل فيه، واستماتت في السيطرة عليه.
تصوروا لو أن داعش اتخذت مقراتها في دولة أخرى، وكان عملها مجرد كلام وبيانات
وتصريحات، ومحض استجداءات واستعطاءات، وخالص مهاوشات ومناوشات ومؤامرات بين قادتها
ورجالها، وبينها وبين أعدائها المفترضين! هل كانت سيطرت على حبة خردل من تراب هذا
الوطن؟ ومن هذه الناحية بالذات ستغدو (هيئة التنسيق)، رغم كل المؤاخذات عليها،
والانتقادات لها، والتشكيكات بها، أكثر مصداقية وتحققاً بمفهوم المعارضة الفاعلة
من معارضي الائتلاف، ومعارضي الحكومة المؤقتة! فما فائدة الوزارات إن لم تكن على
أرض الوطن؟ وما نفع المقرات إن لم تكن على ترابه، وما مصداقية المعارضة إن لم
تشارك أهلها وناسها معاناتهم وآلامهم، وحاضرهم ومصيرهم مشاركةً كاملةً تامة؟
هل فكّرت المعارضة في أهم أسباب هذا التمدد، وفي أولى مقوماته؟ أليس هو (وجود داعش
على الأرض) في لب المكان الذي سعت داعش للعمل فيه، واستماتت في السيطرة عليه.
تصوروا لو أن داعش اتخذت مقراتها في دولة أخرى، وكان عملها مجرد كلام وبيانات
وتصريحات، ومحض استجداءات واستعطاءات، وخالص مهاوشات ومناوشات ومؤامرات بين قادتها
ورجالها، وبينها وبين أعدائها المفترضين! هل كانت سيطرت على حبة خردل من تراب هذا
الوطن؟ ومن هذه الناحية بالذات ستغدو (هيئة التنسيق)، رغم كل المؤاخذات عليها،
والانتقادات لها، والتشكيكات بها، أكثر مصداقية وتحققاً بمفهوم المعارضة الفاعلة
من معارضي الائتلاف، ومعارضي الحكومة المؤقتة! فما فائدة الوزارات إن لم تكن على
أرض الوطن؟ وما نفع المقرات إن لم تكن على ترابه، وما مصداقية المعارضة إن لم
تشارك أهلها وناسها معاناتهم وآلامهم، وحاضرهم ومصيرهم مشاركةً كاملةً تامة؟
فليكن
إذن يوم 9/23 عيداً وطنياً تُعلن فيه وفاة هذه المعارضة، التي وُلدت خديجةً، وظلت
تظن نفسها بعد قرابة أربعة أعوام أنها ما زالت في طور التبرعم والنمو، في حين أنها
كانت قد أصيبت فور ولادتها بداء الشيخوخة المبكرة، الذي ضرب معظم مفاصلها، فانزلق
بها من درك إلى درك، بما لمسه منها من جشع ورخاوة واستهتار.
إذن يوم 9/23 عيداً وطنياً تُعلن فيه وفاة هذه المعارضة، التي وُلدت خديجةً، وظلت
تظن نفسها بعد قرابة أربعة أعوام أنها ما زالت في طور التبرعم والنمو، في حين أنها
كانت قد أصيبت فور ولادتها بداء الشيخوخة المبكرة، الذي ضرب معظم مفاصلها، فانزلق
بها من درك إلى درك، بما لمسه منها من جشع ورخاوة واستهتار.
وكنّا
على مدار هذه السنوات من عمر الثورة نتابع مراحل تشكلها، وندهش من استئناف
تناسخها، وكنّا نصيخ السمع لكتلها ورموزها الذين يتراشقون ويصطرخون بالكراهية فيما
بينهم أكثر مما يفعلون مع من يُفترض به أن يكون عدوهم الأول والأخير، وكنّا نحزن
لبروزهم بطريقة مثيرة للأشجان، ففي اللحظة التي كنّا نؤمل فيها أن يغدوا شيوخ
المعارضة وجهابذتها رموزاً وطنية حقيقية إذا بهم ينحدرون إلى شلة مخلّطين ثرثارين،
فغداة كل انتخاب من الانتخابات التي تجريها هيئات هذه المعارضة كنّا على موعد مع
حفلات التشنيع والذم والتقريع لرفقاء سلاح الكلمة وفرسان الرأي، مع عرض مجاني لأحابيل
دهائهم السياسي، هذه الأحابيل القصيرة الغليظة ذات اللون القرباطي الفاقع، مع
احترامنا العميق الصادق لكل القرباط.
على مدار هذه السنوات من عمر الثورة نتابع مراحل تشكلها، وندهش من استئناف
تناسخها، وكنّا نصيخ السمع لكتلها ورموزها الذين يتراشقون ويصطرخون بالكراهية فيما
بينهم أكثر مما يفعلون مع من يُفترض به أن يكون عدوهم الأول والأخير، وكنّا نحزن
لبروزهم بطريقة مثيرة للأشجان، ففي اللحظة التي كنّا نؤمل فيها أن يغدوا شيوخ
المعارضة وجهابذتها رموزاً وطنية حقيقية إذا بهم ينحدرون إلى شلة مخلّطين ثرثارين،
فغداة كل انتخاب من الانتخابات التي تجريها هيئات هذه المعارضة كنّا على موعد مع
حفلات التشنيع والذم والتقريع لرفقاء سلاح الكلمة وفرسان الرأي، مع عرض مجاني لأحابيل
دهائهم السياسي، هذه الأحابيل القصيرة الغليظة ذات اللون القرباطي الفاقع، مع
احترامنا العميق الصادق لكل القرباط.
لقد
أصبحت المعارضة كساعة تحطمت عقاربها، وما زال جهازها في الداخل يواصل دقاته بلا
معنى!! من أجل ذلك فقد آن أوان دفنها، وحان حين تعليق صورتها على شاهدة قبرها. هذه
الصورة التي سنرسمها بالأسلوب الانطباعي، باعتباره ضرباً من البقع والتلطيخ، فهذا
سيكون أكثر ملاءمة مع روح الفقيدة، وأكثر انسجاماً مع شخصيتها، وسيكون أدعى لستر
تشوهاتها وتشنجاتها المؤتلفة من اضطراب عميق، وقلة حيلة، وحيرة، وانعدام يقين،
وعقم في التفكير النظري، وفقدان للحماسة والجموح وللفعل المنتج الخلاّق. وقديماً
قال غوته: “إنّ من يتمتع بالسر المقدس على غير استحقاق، فإنما يعمل لدينونة
نفسه”. وحقاً لقد عمل المعارضون حتى هذه اللحظة على إدانة أنفسهم، لأنهم لم
يتعاملوا مع (المعارضة) باعتبارها أمراً مقدساً، يُكتنف بالصدق، ويصان بالأمانة،
ويُرعى بالطهر، ويُحمى باليقين، ويُدعم بنكران الذات، ويُحاط بالتضحية الحقيقية،
ويُستثمر بالارتجال الإبداعي، فهل يدرك هؤلاء المعارضون أنه ولّى زمن التشجيع،
والتغاضي، وطرح التثريب، وحان وقت المكاشفة، فالسؤال، فالمحاسبة، فلصق الشريط
الأسود على البورتريه الأخير للمعارضة السورية الأبية؟
أصبحت المعارضة كساعة تحطمت عقاربها، وما زال جهازها في الداخل يواصل دقاته بلا
معنى!! من أجل ذلك فقد آن أوان دفنها، وحان حين تعليق صورتها على شاهدة قبرها. هذه
الصورة التي سنرسمها بالأسلوب الانطباعي، باعتباره ضرباً من البقع والتلطيخ، فهذا
سيكون أكثر ملاءمة مع روح الفقيدة، وأكثر انسجاماً مع شخصيتها، وسيكون أدعى لستر
تشوهاتها وتشنجاتها المؤتلفة من اضطراب عميق، وقلة حيلة، وحيرة، وانعدام يقين،
وعقم في التفكير النظري، وفقدان للحماسة والجموح وللفعل المنتج الخلاّق. وقديماً
قال غوته: “إنّ من يتمتع بالسر المقدس على غير استحقاق، فإنما يعمل لدينونة
نفسه”. وحقاً لقد عمل المعارضون حتى هذه اللحظة على إدانة أنفسهم، لأنهم لم
يتعاملوا مع (المعارضة) باعتبارها أمراً مقدساً، يُكتنف بالصدق، ويصان بالأمانة،
ويُرعى بالطهر، ويُحمى باليقين، ويُدعم بنكران الذات، ويُحاط بالتضحية الحقيقية،
ويُستثمر بالارتجال الإبداعي، فهل يدرك هؤلاء المعارضون أنه ولّى زمن التشجيع،
والتغاضي، وطرح التثريب، وحان وقت المكاشفة، فالسؤال، فالمحاسبة، فلصق الشريط
الأسود على البورتريه الأخير للمعارضة السورية الأبية؟
محمد أمير ناشر النعم